ملتقى الفنانين و النقاد العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الفنانين و النقاد العرب

ثقافة الصورة و بهاء الكلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الدكتور ياسر منجي

الدكتور ياسر منجي


عدد الرسائل : 6
العمر : 52
Localisation : Egypt
Emploi : Lecturer
Loisirs : Artist
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية Empty
مُساهمةموضوع: داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية   داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 08, 2007 12:44 am

1- ميراث الشهرة و فخ الاعتياد / داوستاشي استثناءا :

أصبح في حكم القاعدة أن يكون التوقع لما سوف تقع عليه العين في معرض الفنان المشهور هاديا لذهن المتذوق و محرضا على تصور لقاء تكرارات مستعادة لما سبق و أن درجت عليه الباصرة خلال مشوار إبداع ذلك الفنان ، إلى الدرجة التي أثرت في كثير من الأحيان على الكثافة العددية لرواد معارض المشاهير .

و قليل من النبش خلف ستار هذه الظاهرة سيكشف عن عدد من الأسباب التي ليس أولها إشكالية ركون المبدع إلى اجترار المعادلات التي سبق و أن استشعر نجاحها و إقبال المتذوقين عليها – إما كسلا منه دون مواصلة تطوير ذاته و إثراء مخزونه و إما خوفا منه على مصدر مضمون للربح وفق مقتضيات سوق لا يرحم و لا يعبأ بالمغامرات – و ليس آخرها إشكالية الإطار المحافظ للفكر المحلي ؛ و الذي درج على تقديس ( اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش ) .

و كلما زاد حظ الفنان من الشهرة كلما زاد همه من أرق الوقوع في أسر هذا الفخ السيزيفي الذي يكبل صاحبه بمقتضيات مواصلة الدفع لكتلة إبداعية ضخمة لا تني تعذبه في دوائر سرمدية . غير أن هناك دوما علامات استثنائية استعصت على أن تكون الشهرة حائلا دونها و الانخراط في لهيب التجدد ، شأنها شأن طائر " فينيق " الأسطوري الذي يستعيد شبابه ناهضا من محرقة موته بعد أن يكون قد بلغ من الكبر عتيا . و قد كان " بيكاسو " في القرن المنصرم علامة على هذا التمرد المحمود على مقتضيات السوق و الفكر المحافظ معا ، فكان أن كسر القاعدة بتوالي رجمه لطواطم التقليدية ، مكونا قاعدته الخاصة التي صارت مثلا عسير الاحتذاء . إلا أنه و منذ وفاة " بيكاسو " – التي أفرزت عددا من المشكلات المستعصية في تاريخ الفن المعاصر ، سواء على مستوى التنظير و التقعيد للحركات الفنية أو على مستوى فكرة هم الإتيان بالجديد الذي أصبح مسوغا و ضامنا لنجاح العمل الفني – لم يتكرر نمط الفنان الدائم الانسلاخ من أسر المتوقع إلا تكرار الآحاد و الأفراد المعدودين .

غير أن هناك من الفنانين من امتلك سحرا آسرا و " كاريزما " بصرية خاطفة من شأنها أن تخلع على مجموع أعماله سمة من دوام امتلاك القدرة على إثارة الدهشة و تحريك كوامن التذوق من زوايا مغايرة لما سبق و أن وقعت عليها عين المشاهد من قبل ، مفجرة آفاقا جديدة من غوايات الاستدراج الجمالي . فإذا اجتمع إلى هذه الخصيصة سمة الاجتهاد في تطوير الأداء و تناول الجديد من الموضوعات أصبحنا بإزاء حالة استثنائية تستفز المتلقي على الخوض معها في جديد ما تطرحه من وعي بصري مغاير بنفس الدرجة التي تستفزه بها على استعادة ما سبق و أن طرحته من قبل ... و إلى هذه الفئة ينتمي " عصمت داوستاشي " .

2- رمضانيات استعادية ... انتشاء الروح في كرمة بن هانئ :

و برغم افتتاحه لمعرضه ذي الصبغة الاستعادية قبالة بضع أيام من هلال شهر الروحانيات ؛ إلا أن ذكاء الاختيار الجغرافي لرقعة العرض بمحمولاته من إرث شعري و وجد روحي قد نضد لآلئه في أحضان منزل " شوقي " أمير القريض ، بما يحيل إلى آفاق شفيفة من نفس أمير الشعراء لم يكن ملتفتا إليها من قبل ، ناهيك عن الوقع الخمري الطنان لكرمة " بن هانئ " الذي حار مصنفوه في إدراجه في صفوف الماجنين الخليعين أو في مصاف العاشقين الواجدين الذين برح بهم ألق الروح حتى خانهم منطوق اللفظ الحسي .

و لم تأت أعمال " داوستاشي " التي احتضنها المعرض دون هذا الأفق الملتبس من حيرة الوجدان بين حضور الجسد – بوصفه تكأة بصرية للبحث الجمالي و المعرفي معا – و بين توق الروح للإفصاح عن وجدها المضني في مدارج الصعود .

و الحيرة هنا تنبع ليس فقط من كون " داوستاشي " يصدر عن مهارة يحسد عليها في التأليف بين متنافر العناصر - التي يضرب كل منها بسهم وافر في كبد سنين تحصى بالآلاف لحضارات و ثقافات متعددة – و إنما لكونه قد وفق في استقراء و انتقاء ذلك العصب الروحي الذي يضم تحت غلالته كل المتنافرات الشكلية و التنوعات الطقوسية و الشعائرية ، فيخرج منها و قد وفر علينا عناء البحث عن رحيق شهقة العرفان في الحضور الإلهي .

فإنسان الفرن العشرين البادي في هرمه الأسود مكفنا بلفائف المعدن و تآليف الموصلات الإلكترونية إنما هو استحضار روحي لفكرة صوفية في إطار غير معهود ؛ حيث لا يني العاشق الصوفي متضورا توقا إلى الفكاك من أسر قيد البدن ، راغبا في الصعود إلى ملكوت الانعتاق .

و إذا بداوستاشي في أعماله التي يتحاور فيها مع ظهور شفاف للجسم البشري يدلف بنا إلى إحدى المحاورات الخالدة بين أعضاء الحس و بين مرافئ رحلتها العلوية في خشوع الصلوات ؛ و ذلك حين تتعدد ظهورات الجسد في تتابع زمني خاص بمفهوم الزمن الروحي ، مترقية من حالة لونية كثيفة إلى حالة أشف منها و أرهف ، فإذا بنا واقعين في أسر حيرة لا ندري خلالها : هل نحن بإزاء هالات شهداء المسيحية ؟ أم هي " أيورا " Aura المعلمين العظام في ممارسات اليوجا ؟ أم تراها تجسدات متكررة لمستويات الوجود الثلاثة عشر لدى الثيوصوفيين ؟

أما العمل الذي استوقفني حقا – ليس فقط لكونه من بواكير أعماله ( 1966 ) و ليس أيضا لكونه مغايرا على مستوى الأسلوب لبقية الأعمال – فهو عمله الذي يطالعك فيه المعادل البصري لوجه الكيان المصري ، تجلله نظرة أسيانة و يحيط حضوره الطاغي مشهد خلفي تعجز معه عن اتخاذ قرار إدراجه ضمن نمط خلفيات أعمال نهاية الطراز القوطي و بداية طراز النهضة ، أم ضمن الخلفيات المعمارية المقفرة نفسيا للوحات " ديكيريكو " ؟

و يعكس العمل مدى حرية " داوستاشي " في المزج بين تيمات فنية شتى ، حتى في بداياته المبكرة و أيضا مدى مخزونه البصري من الاطلاع على تحف الفن العالمي بطرزها المختلفة ؛ فأسفل يسار العمل يطالعنا مشهد تابوتي مكشوف هو أقرب إلى روح لوحات موضوع ( رقصة الموت ) في الفن الغربي ، بل هو تحريض بصري على تذكر لوحة " المعجزات الثلاث للقديس زنوبيوس " لعبقري النهضة " بوتيتشيللي " . هذا في الوقت الذي يستعيد فيه أعلى يمين العمل أحد الكوابيس الشيطانية التي طالما ميزت أعمال " هيرونيموس بوش " . و مما يزيد من دهشتي أنه رغم انضمام المهرج – الذي صار إرثا شهيرا عن أعمال " بيكاسو " – إلا أن المجموع الكلي للعمل لا يخطئ الولوج إلى روح المتلقي بوصفه ضفيرة مصرية صرفة ، بل بوصفه وثيقة تنبؤية ترهص بكارثة نكسة 1967 التي تلت تاريخ تنفيذ العمل بعام واحد فقط !!!

و من الدلالات القوية التي تكشف عما يتمتع به هذا العمل من مكانة أثيرة إلى روح " داوستاشي " ، عزوفه المستمر عن طرح هذا العمل للبيع على الرغم من المبالغ الكبيرة التي تعرض عليه ثمنا له ، مما يفصح أيضا عن مدى ملامسة هذا العمل لوجدان المتذوق – برغم قدمه النسبي و برغم موضوعه السوداوي – كاسرا بذلك قاعدة الأعمال ( المبهجة ) التي تفرض موضوعات تجارية بعينها على سوق العمل الفني .

تحية لداوستاشي ... ذلك الذي آثر أن يكون وضوءه الروحي على متن غيوم اللون ... فكان أن سهل عليه خطاب أعصاب الروح في عيون متذوقيه .

د. ياسر منجي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طلعت عبد العزيز




عدد الرسائل : 1
العمر : 69
Localisation : egyptian
Emploi : Paint artist
Loisirs : artist
تاريخ التسجيل : 24/12/2007

داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية   داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية Icon_minitimeالخميس يناير 03, 2008 1:21 am

للرائع الدكتور / ياسر المنجي
بربك كيف يمكنك الولوج الي النفس البشرية دون استئذان لتغور فيها وتغور ( بدون أحم أو دستور) تخيلتك « داوستاشيا » وانت تتراقص في اللفظ والمعنى امام اعمال الرائع العظيم بيكاسو المصري الفنان عصمت داوستاشي الذي كنت اظنه ارمانيا فاذا به مصريا من شعره الي أخمصه .. لقد اطلعت علي اعمال ذلك العظيم في اتيليه جده لاقف امامها متسمرا ومتعطشا لفن يتسامى الى افاق مصرية تعيدنا لامجاد قدمائنا .. قد استطعت الآن ان اتجاوب مع روائعه بعد فهمي البسيط للوغاريتمات ياسر المنجي ومفرداته النقدية التي تأخذنا الى الأعماق لتقذف بنا بموجة عاتية إلى اعالي بحوره المتلاطمة لنجد في نهاية الرحلة طوقا ياسريا ينجينا من تداخل اجزاء خلايا الذاكرة فيما تبقى منها في الرأس ليعيد ترتيب جزيئات التفكير مرة أخرى وكأنه مغناطيس يصنف السالب سالبا والموجب موجبا ويعيد التجاذب لأقطابها

كما انا سعيد بمعرفتك ايها الشقي باعمال مبدعينا لتصل الينا لقمة سائغة وكاننا نسترجع معك اكتشاف منحوتات حجر رشيد
farao farao farao farao farao santa
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
داوستاشي يتوضأ على غيمة لونية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الفنانين و النقاد العرب :: منتدى التصوير-
انتقل الى: