ملتقى الفنانين و النقاد العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الفنانين و النقاد العرب

ثقافة الصورة و بهاء الكلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإبداع النسوي المعاصر في مدرسة الإسكندرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الدكتور ياسر منجي

الدكتور ياسر منجي


عدد الرسائل : 6
العمر : 52
Localisation : Egypt
Emploi : Lecturer
Loisirs : Artist
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

الإبداع النسوي المعاصر في مدرسة الإسكندرية Empty
مُساهمةموضوع: الإبداع النسوي المعاصر في مدرسة الإسكندرية   الإبداع النسوي المعاصر في مدرسة الإسكندرية Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 08, 2007 12:41 am

مقدمة:
سمات الإبداع النسوي طبقا لمقولات الفيمينيزم:
إن الضرورة البحثية تقتضي تناول مصطلح النسوية بما يدل على (جملة ما تنتجه المرأة من إبداع)، و لا شك أن مثل هذه الدراسة التي تحاول أن تختص بإبداع المرأة تستطيع أن تمنحنا الدقة في الحكم، مع النظر إلى أن عزل الباحث لإبداع المرأة عن إبداع الرجل هنا تقتضيه الضرورة المنهجية البحتة، و لا يجب أن يعني الانطلاق من رؤية ضيقة عنصرية غايتها التمركز حول فكرة الأنوثة؛ هذه الحركة التي شاعت في الغرب و تبنت نظرة أحادية الجانب تغذي العداء بين الجنسين، صحيح أن الإبداع النسوي يتمحور حول العلاقة مع الرجل في أغلب الأحيان – فقد بدا في هاجس الإبداع النسوي إبراز خصوصية هذه العلاقة – لكن هل تصلح هموم المجتمع و خصوصيته للالتفات إليها باعتبارها جزءا من هم المرأة ؟ و هل يقصد من استخدام هذا المصطلح الإشادة بتفوق جنس على جنس أو عزل الإبداع النسوي عن الإبداع الذكوري ؟ أم أن المعول هنا هو الانطلاق من حقيقة أن الإبداع بدافع من نبض المعاناة الخاصة أولا ثم يكسوه الفنان حلة عامة ؟
لا شك أن هذه المعاناة تتجلى عبر جماليات الصياغة الفنية التي يمتزج فيها الفكر و الشعور و التخيل فيتجلى عبرها الشكل الفني، عندئذ نستطيع أن نلمس جماليات خاصة للطرح النسوي التي لخصتها "بريجيت لوجار" عبر أربعة محاور هي: الجنس، إدراك الجسد، التجربة الحياتية و اللغة.
و مما يزيد الأمر التباسا أن مصطلح (النسوية) قد ظهر لأول مرة مرتبطا بالتحليل النفسي و لا سيما في إعادة صياغة نظريات "فرويد" عند "لاكان" و سواه، مما جعل تجليات التعبير عنه متمركزة حول البعد الرمزي أو الدلالي الذي يناهض التمركز حول الذكورة و يتيح آفاقا لتحقيق دعاوى المرأة التي تجد طغيانا و هيمنة للذكورة على الأنوثة، و نذكر في هذا الإطار أيضا إسهاما نقديا مميزا للناقدة "هيلين سيكسو" في كتاباتها النقدية المسماة "ضحكة الميدوزا" التي قررت صدور النسوية من عقل نسوي شامل في فهم جسد المرأة و ذهنيتها في الوقت نفسه، و هذا يعني إلغاء الذكورة و النظم المتمركزة حولها.

تطور الإبداع النسوي في العالم العربي وصولا للواقع المعاصر:
على المستوى المحلي للإبداع النسوي فقد بدأ الحراك الإبداعي للمرأة في الوطن العربي أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين ضمن الهيمنة البرجوازية و الأرستقراطية، و لاسيما المتصلة بالغرب؛ فنلاحظ ظهور الصالونات الأدبية لنساء كن محط أنظار المجتمع و الرجال، إلى جانب أن الإبداع النسائي في تلك الحقبة ارتبط بالتماهي السيري من جهة و بكسب التعاطف السائد من جهة أخرى، أي أننا لم نقع على كتابة نسوية متمردة على الأفكار السائدة حتى منتصف القرن العشرين، لذلك مع مطلع الخمسينيات نقف على نصوص متمردة لا تندرج في نفي الذكورة بل في المطالبة بحق المرأة في الوجود و المشاركة السياسية و الاجتماعية.
أما في العقود الثلاث الأخيرة فقد بدأت الإبداعات النسوية العربية تندغم في جوانب منها بمفهوم (النسوية) الذي ينفي الذكورة بأشكال متعددة.
إن دخول المرأة في معترك الإنتاج الإبداعي يطرح عدة أسئلة مهمة، منها: ما الشيء الذي يمكن أن يعمل داخل هذه المجالات الإبداعية التي استقرت أعرافها مع الزمن كمؤسسات تفكير ذهنية و صيغ مجازية، و كصيغ تحمل أنساقا ثقافية غرست على مدى قرون ؟
فالمرأة لا تبدع الآن فحسب لأنها تبدع، و لكن أيضا تقاس باستمرار بما هو موجود بالإبداع؛ فعندها معضلتان: أن تبدع و أن تختلف، و الاختلاف الآن ليس على المستوى الفردي و لكنه على مستوى النوع، إذ يمكن أن نجد امرأة مبدعة جدا لكن بمقياس الإبداع كما هو في الإبداع الذكوري. لكن إذا بدأنا نتلمس أن هناك معالم لإبداع ينتسب إلى جنس المرأة نفسه، فهل يمكن حينئذ تجنيس الإبداع ؟
المسألة الآن ليست تسجيل مكاسب للمرأة و إنما هي أعمق من ذلك بكثير، ذلك أن هذا النوع من الإبداع يمكن أن يكشف لنا عن طاقات غير مستخدمة في الثقافة نفسها؛ الثقافة كأم، الثقافة ككتلة، و دخول عناصر جديدة مختلفة – و هذه العناصر كانت محرومة من الأصل – و حاولت هذه العناصر كنساء أن تستخدم هذه المجالات التي سبق و أن استخدمت و صيغت و عجنت و عصرت بأيدي نسق ثقافي طويل الأمد. و يعطي الباحث هنا مثالا واحدا هو مفهوم (موت المؤلف) الذي قال به "رولان بارت"، هذا مفهوم أساسي في النقد وصل إليه بعد مسيرة طويلة، و هذا المصطلح خدم النقد كثيرا و كان له دور أساسي في توجيه عدد من المقولات و النظريات النقدية.
نلاحظ في إبداع المرأة أن موت المؤلف يصبح عائقا و أن حياة المؤلف تكون أهم؛ ليس المؤلف بوصفه امرأة مفردة كإنسانة لها ظروف خاصة و لكن المرأة كنوع مجنس. و السؤال الآن: هل ما تبدعه المرأة هو إبداع نسوي لأنها امرأة أم لأن الذهنية التي تعمل على هذا الإبداع هي ذهنية أنثوية ؟
و هل يمكن للأنوثة أو التأنيث أن تكون قيمة إبداعية تحدث نسقا آخر بإزاء النسق الموجود فنكون بإزاء نسقين ؟ و هل يعني هذا بالضرورة إثراء للثقافة ؟

مقارنة بين نمطين نسويين سكندريين معاصرين:
تأتي المقارنة هنا بين إبداعات الفنانتين – "أمل نصر"، "هويدا السباعي" لا بوصفها مقارنة تفضيلية أو منهجية، و إنما مقارنة يفرضها سياق البحث في الإطار السابق من حيث تأثر كلتيهما – كعينة بحثية مبررة فيما سبق – سلبا أو إيجابا بالمد الثقافي لحركة الفيمينيزم. مع إحالة الباحث إلى معايير المحاور الأربعة الخاصة ب "بريجيت لوجار" و التي سبقت الإشارة إليها سلفا؛ نظرا لكونها واحدة من أهم الأنساق المعتبرة في هذا الصدد على مستوى الرصد النقدي المعاصر للإبداع النسوي.
و تمثل " أمل نصر " فيما أذهب إليه تحققا نموذجيا للفنان المنغمس في كشف تجليات العلاقة بين سطوة النظام كحضور كامن في المفهوم المضمر للعمل و بين عنفوان الفوضى كحالة حركية دافقة تصوغ مجمل انفعال المتلقي للعمل .
و مفهوم ( النظام ) في أعمال " أمل نصر " يتعدى سطحية الفكرة المتعارف عليها لدى المشتغلين بالفنون البصرية ؛ و التي تتمثل في آليات و حيل السيطرة على عناصر العمل الفني و تسكينها ضمن أطر تكوينية مصطلح عليها بغرض الوصول إلى الإيهام بالاتزان و الاتساق و إشاعة الإحساس بالاستقرار البصري في مدركات المتلقي . إنما ( النظام ) الذي تنطوي عليه أعمال " أمل " و ينطوي عليها بذات القدر هو ذلك التجلي البازغ من المفردات البصرية لأعمالها بالمفهوم الشامل لكلمة ( مفردات ) ؛ أي مجموعات اللون المختارة وفق خطة محسوبة لتصير أفقا حاملا لعدد من العلامات و الموتيفات و المفردات المتشظية في فضاء المسطح التصويري .
و أجدني بحاجة إلى وقفة خاصة بإزاء العلامات التصويرية لدى " أمل نصر " ، و أنا هنا حريص على استخدام كلمة ( علامات ) في مقابل كلمة ( موتيفات ) نظرا لأن قليلا من التأمل المتأني في المفردات البصرية لدى " أمل " لا بد و أن يقود بسلاسة شديدة إلى الإيهام بأشكال بصرية هي أقرب ما يكون إلى المفردات الكتابية و حروف الهجاء التصويرية التي سبق التنويه عنها ، خاصة تلك العلامات المنحدرة من ميراث أبجديات حضارات البحر الأبيض المتوسط ، فكثيرا ما نجدنا بإزاء تأمل السطح التصويري ل " أمل " و قد باغتتنا لمحة شاردة موحية بأشباه مفردات الأبجدية اليونانية ، فنظن لوهلة أننا قد تعرفنا على " فاي " أو " سيتا " أو أشباههما من مفردات ، إلا أننا سرعان ما نفيق بفعل تركيز العملية القصدية للإدراك مدركين لحقيقة أننا قد وقعنا تحت تأثير ما يشابه ظاهرة " ديجافو " Dejavou [ ظاهرة الإحساس بأننا نعاود فعل و سماع و رؤية ما سبق و أن خضناه في تجربة مشابهة في الماضي ] ، فإذا بطبقات الركام الحضاري للعمل و قد أثارت شظايا من شهب هاوية ، تمخر عباب المخيلة البصرية لتحيل العلامة التصويرية علامة كتابية مسافرة عبر تاريخ البحر المتوسط ، مركزة في بنيتها لنتائج الكفاح الحضاري القديم لدمج ما هو فكري في داخل ما هو بصري ، طموحا نحو الترميز لما هو إلهي .
و كثيرا ما تلتبس العلامة التصويرية لدى " أمل نصر " لتنتج مزيجا من شفرة التخاطب البصري لدى القبائل البدائية و الترتيب الهندسي الصارم لمصفوفات الكتابة " الأوغاريتية " في لقيات " رأس الشمرا " على الساحل السوري القديم ؛ فيتجلى حضور العلامة البصرية مزاوجا بين الانطلاق العفوي و بين التخطيط المقصود .
و لم يكن التنوع في مظهر العلامة البصرية لدى " أمل نصر " بالأمر المقصود لمجرد كسر الملل ؛ ففي لجوءها لتطعيم المفردات برائحة مفكوكات الطلاسم السحرية و متشابهات الخط السرياني أو في تحوير العلامة بما يتماشى مع بساطة الاختزال التصميمي المعاصرة – كما في أشكال الهيكل العظمي للسمكة – فإن " أمل " تتعدى غرض التنوع الاعتيادي إلى غرض آخر أكثر تعقيدا و إيغالا في استنطاق الموروث ؛ حيث إنها بذلك تمارس ما يمكن أن نطلق عليه
( طقوس الإيمان باستمرار المركب الحضاري ) ، فتكون تنويعاتها العلاماتية هنا بمثابة
( اعتراف بصري ) باستمرار سطوة العلامة المعرفية البصرية على مر التاريخ ، بدءا بالعتيق و مرورا بالشعبي و الساذج و وصولا إلى اجتهادات المعاصر .
و في مقابل ( مفهوم النظام ) في أعمال " أمل نصر " يتجلى مفهوم ( العنفوان الفوضوي ) الذي يجد تحققا له في الطاقة الانفجارية الملحوظة لحركة التكوين و اتجاهات الخطوط السيالة التي تفعل فعلها في قيادة عين المتلقي عبر مسارات الحركة التي تتخلل مواطن الاستقرار الاستاتيكي في بنية العمل . فدائما ما يكون الصعود الرأسي العنيف لزمرة من العناصر لديها كاسرا و بحدة مقصودة لجملة راسخة أفقية في نسق العمل .... تضاد انفعالي فياض يشي بدفقة مفاجأة من رحم مائي محيط نحو فراغ علوي أرحب . كما يأتي اندفاع مويجات مقوسة من داخل تكتلات مربعة و مستطيلة ليدشن حوارا بين السيولة و الصلابة ، بين النزق و الكمود ، بين الإذعان و النزوة ، بين الثبات و الطفرة .
و بتطبيق معايير المحاور الأربعة التي كرستها "بريجيت لوجار" لكشف جماليات الطرح النسوي في الإبداع، نجد أن إبداعات "أمل نصر" تندرج بسهولة تامة في المحور الرابع (اللغة) من حيث هي تحقق لمنظومة من الأنساق الثقافية الاتصالية أو الجمالية.
بينما يأتي إبداع "هويدا السباعي" في مجمله محيلا إلى تداعيات نفس/ جسدية، قوامها علاقة الوعي الإنساني الحاد بمصيره المتشظي في حمى العلاقات غير المبررة التي تكفلها حياة الميكنة المعاصرة و سطوة الآلة على الضمير الجمعي للبشر.
و المتابع الفاحص لأعمال "هوايدة" لابد و أن يجد خطا متصلا من الإلحاح على فكرة (المصير غير المؤكد) التي تتتناوش المتلقي خلال انخراطه في عملية الالتحام الحميمي مع أعمالها، سواء في اعتمادها على جماليات العمل المركب أو في طرحها التصويري ذي الخصوصية الموضوعية و اللونية التي أكسبتها طابعها المميز.
و من وجهة نظري فإن المناخ النفسي العام الذي تفرضه أعمال "هوايدة" على المتلقي هو من ذلك الصنف من المناخات التي ينتمي إليها مناخ قصيدة (الأرض اليباب) للشاعر "تي. إس. إليوت" T . S .Elliott ؛ من حيث وضعها للمتلقي في مأزق التعرض للحد الأقصى من المواجهة المباشرة مع الواقع الضاري للمعاصرة التي لا تعترف سوى بسلطة الحداثة الصناعية على حساب مقتضيات الفطرة الشعورية للبشر. و على ذلك فيمكن اعتبار هذا الصنف من التعبير المجازي Allegorical في أعمال "هوايدة" نسقا من أنساق النبوءة الفنية المعاصرة التي تستشرف آفاق مستقبلها البعيد من رحم معطيات كاسحة تفرضها سطوة الآلة.
و برغم الطابع العام الذي يصوغ سمات أعمال "هوايدة" سواء في وسيطها التصويري أو منشآتها في مجال العمل المركب، فإن قدرا نوعيا من الاختلاف بين الوسيطين لا بد و أن ينكشف أمام المدقق الفاحص؛ حيث تنزع أعمالها المركبة إلى التخلص قدر الإمكان من التفصيلات غير الجوهرية – لتنجو بذلك من أسر الوقوع في فخ الاسترسال المستهدف للإبهار البصري، و الذي يقع فيه عدد كبير من معالجي هذا اللون من الفنون – و هي بذلك تثبت وعيا خلاقا و محيطا بالمقتضيات المفهومية الكامنة في صلب رسائلها المطروحة من خلال هذه الأعمال. و على جانب آخر فإن هذا التخلص (النقائي) لأعمالها من تهاويم الشقين الزخرفي و الاسترسالي تكفل لها دوما قدرا معتبرا من الإحالة النفسية إلى أجواء الحياة الفضائية كما تطرحها و تراها وسائط الاستشراف المستقبلي – السينما الهوليودية في نظرتها لمدن الفضاء على سبيل المثال – الأمر الذي يكفل لها – إلى جانب النكهة المستقبلية المفارقة للواقع – حسا متوجسا و ملتبسا ينطوي على هواجس لا نهائية بخصوص مصير وجودنا الروحي و سلامنا الوجداني في آن معا.
إلا أن الأمر يختلف باختلاف الوسيط؛ حيث تتجلى إبداعاتها التصويرية على نحو مغاير – إلا أنه مبرر و مشروط بمقتضيات الوسيط التصويري نفسه – و ذلك حين تنداح في مناظرها (السايكو/ تقنية) الممتدة – و التي تأتي تكويناتها غالبا منحازة للاسترسال الأفقي – أجواء غائمة متشحة بألق كهربي مفارق للحميمية البشرية، و تطفر في تضاعيفها ندف من أضواء متشظية، فلا هي بالغمام الضبابي و لا هي بالعوادم المتكثفة، إنها محض ألق سديمي أبيض اللون يكفل في رحمه إمكانات البزوغ من العدم بقدر ما يكفل احتمالات الفناء إلى غير رجعة.
و غالبا ما يلعب الامتداد المنظوري في أعمال "هوايدة السباعي" دورا يتجاوز دوره المعتاد في الإيهام بالاسترسال ثلاثي الأبعاد؛ حيث يؤكد هذا الامتداد غالبا من ثقل وطأة الشعور بالاغتراب في مواجهة اللانهائية متشابكة العلاقات لاشتراطات العصر الجديد، و كأنه نوع من (فوبيا ألأماكن الواسعة) التي يجد المتلقي نفسه بإزاءها، مستعيدا مرة أخرى لتجربة الطرد من أمان الرحم الحاضن و خبرة الضياع بالارتماء في الامتداد الشاسع لدنيا المادة.
كما أن لجوءها إلى اعتماد زاوية قريبة من منظور المتلقي كمدخل للوحة يعمل كعنصر مؤكد لفكرة (بداية الالتحام بالأفق) مما يكرس للشعور بالإقدام على مغامرة غير محسوبة و غير مكفولة النتائج و لا تخضع إلا لما يمليه قانون الواقع البراني، الأمر الذي يتأكد من خلال بالتة لونية منتقاة بعناية محسوبة تتخذ من اشتقاقات الأزرق و الرمادي و البنيات الكابية معادلات لونية لأطروحات عصر الآلة.
و بقليل من التأمل يمكن الخلوص إلى حقيقة مفادها أن إبداعات "هوايدة السباعي" تنتمي إلى محور (الجسد) طبقا لرؤية "لوجار"، غير أنه مفهوم مغاير للجسد عما عداه من رؤى اعتيادية في الإنتاج النسوي المعاصر؛ حيث يأتي الجسد في أعمال "هوايدة" بوصفه (حضورا منفيا) لصالح (جسد الآلة) الذي يمارس (حضورا حقيقيا بديلا) للجسد الآدمي ، و من ثم للروح البشرية بأسرها.

خلاصة:
مما سبق، يخلص الباحث إلى أن الإبداع النسوي للعينة المنتقاة يدور بمقدار في فضاء الطروحات النسوية المعاصرة؛ من حيث النزوع إلى تأكيد الذات النسوية عبر التحقق الإبداعي و التعبير عن الهم العام المشترك. غير أن جانبا من الاختلاف و التمايز يتضح لدى الفنانتين؛ من حيث إعلاء أولاهما للجوانب المعرفية و الرمزية للغة على حساب الجوانب الفجة و المباشرة التي يدور في فلكها الطرح اللغوي النسوي عادة، و أيضا من حيث استبدال ثانيتهما لمفهوم الجسد بمعناه الجنسي و الشبقي بمفهوم آخر أكثر رحابة و التحاما بوقائع الهم الإنساني المعاصر.
د. ياسر منجي



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإبداع النسوي المعاصر في مدرسة الإسكندرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفن التشكيلي المصري المعاصر... تاريخ وحضارة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الفنانين و النقاد العرب :: المنتدى النقدي-
انتقل الى: